يتطلع الجميع منذ نعومة أظافرهم إلى تحقيق أحلامهم التي راودتهم طوال أطوارهم التعليمة, ونختص بالحديث هنا عن طلاب كلية الإعلام, خلال الأربع سنوات التعليمية التي يتم تأهيلم بها نظريًا وعمليًا يصطدمون بالسوق الإعلام فلا يجدون أنفسهم كما يخيل للجميع مذيعي على الشاشات التليفزيونيه, أو مذيعي بالإذاعة المصرية, أو مدراء علاقات عامة أو صحفيين على المكاتب.
فنجد العمل الإعلامي بحر واسع, ومعرفة جارفة كلما نهلت منها جزء, وظننت أنك على دراية به كلما أكتشفت أنك لم تحصل منه سوى القليل, وكلما خيل لك أن المستقيل مجهول ولا أمل بأن تلتحق بالعمل الإعلامي كلما وجدت ضالتك وتشبثت بشئ من بحره الواسع.
وفي هذا الصدد يحدثنا مدرسي كلية الإعلام جامعة القاهرة عن المجالات الأخرى التي يمكن لطالب الإعلام أن يلتحق بها على مستوى الأقسام الثلاثة الصحافة والإذاعة والتليفزيون والعلاقات العامة والإعلان.
يقول “محمد وليد بركات” , المدرس المساعد بكلية الإعلام, جامعة القاهرة قسم الصحافة, أن العمل الصحفي لا يقتصر على الصحافة القليدية المتعارف عليها فقط, ولا يقف عند هذا الحد, ولكن يمكن للصحفي العمل في مختلف الوسائط الإعلامية بالتحرير, أو الإعداد التليفزيوني, أو الإذاعي, وبالتالي نحن أمام منظومة إعلامية متكاملة لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى, وتواجه تلك المنظومة العديد من التحديات على مختلف المستويات البشرية, والإقتصادية, والتكنولوجية, الإدراية والسياسية, ومستوى التأهيل والتدريب للعاملين بها.

ويتابع حديثه عن الكيفية التي يمكن لطلاب كلية الإعلام بصفة عامة وطلاب قسم الصحافة بصفة خاصة تأهيل وتدريب أنهم لكي يستطيعوا اللحاق بركب الميدان الإعلامي وسوق العمل خاصة مع وجود دخلاء على مجال عمله, وهذا التحدي يمثل تحديا عامًا على جميع المجالات الإبداعية, وليس الإعلامية فقط, وخاصة وأنه من الممكن أن يكون الغير مختصين يتفقوا على المختصين أنفسهم, فإن لم يكن لديك القدرة على منع هؤلاء الدخلاء فلتتفوق عليهم وبالتالي يمكن التغلب على هذا التحدي من خلال أن لا ينشغل الطالب أو الممارس للمهنة سوى بذاته وبناء قدراته الذاتيه النظرية والعملية, والفهم الجيد للعمل الإعلامي.
وأن يكون موسوعي الثقافة, ولدية صياغة, وأسلوب جيد, واتقان المهارات التكنولوجية التي لا يخلوا منها العمل الصحفي, ولا يعني الأمر مجرد المعرفة السطحية التي يكون الجميع على دراية بها, ولكن أن يكون قادر على الدخول في التحدي التكنولوجي الذي يمكنه من القيام ببحث متقدم على مواقع البحث واستخدام أدوات موقع “جوجل” بشكل احترافي, ومعرفة استخدامات أدوات التصوير.
وكذلك المهارات الاحصائية خاصة وأن صحافة البيانات هي إحدى المجالات الواعدة التي لا يعمل بها الكثيرون ولابد لطالب الصحافة أن يتقنها وخاصة, وأنها تمكن الصحفي من بناء قصة صحفية كاملة, أن يكون لديه القدرة على توظيف الأرقام واستخلاص القصص, والدلالات من ورائها, وليس التعامل معها على أنها مجرد رقم بل يجب تعريف تلك الأرقام من خلال التواصل مع المصادر البشرية وشرحها لجمهور القراء, وكذلك تعلم إحدى اللغات الأجنبية, ولغة البرمجة حتى لو كانت لغة بسيطة كلغة “بايثون“, القدرة على التعامل مع برامج الفوتوشوب والمونتاج.
وكل ما سبق يعد الكلمات المفتاحية لمجاراة سوق العمل الإعلامي, وبالتالي ستكون الفرص مطروحه أمامه على طبق من فضه لدرجة تمكنه من أن يفاضل فيما بينهما, بل وفي بعض الأحيان ستتنافس المؤسسات الإعلاميه العربية والأجنبية أيضا للاستفادة من مهاراته التي من الممكن أن تمكنه لاحقًا من الترقي من مستوى الصحفي إلى المستشار الإعلامي أو مدرب للصحافة والإعلام أو إلى خانة المحاضر, أو إلى المسئول الرسمي خاصة وإن كان يمتلك خبرة حل المشكلات, ولديه إلمام جيد بالعلاقات الدولية, والسياسيه وكل تلك الأمور تحتاج الكثير من الصبر والعزيمة للوصول إلى الغايات والأهداف المرجوه.
ويسترسل حديثه مؤكدًا أن تسلحه بالمهارات_ التي سبق ذكرها_ وأن يكون على درجة عالية من التأهيل سيمكنه ذلك من أن ينجو من مستنقع العمل الإعلامي “التافه” الذي لا يقدم أي إفادة من خلال إنتقاء الأماكن الجيدة التي تقدم عمل جيد تتناسب مع أفكاره ومبادئه وشخصيته, على الرغم من أنه لا يمكن إنكار ” الترفيه” كإحدى وظائف وسائل الإتصال, ولكنه الترفيه الواعي الذي يخفف عن الناس ضغوطات الحياة اليومية دون ابتذال, وبالتالي إذا كان تواجدت الرغبه لدى طالب الإعلام في العمل في المجال الترفيهي على شاكلة برامج مثل”برنامج صاحبة السعادة” ل إسعاد يونس, وبرامج المسابقات “الدوم” تلك برامج ترفيهيه لا مانع من العمل بها طالما أنها تقدم ترفيه محترم دون ابتذال.
وتضيف “سارة فوزي” المدرس المساعد, بكلية الإعلام, جامعة القاهرة, قسم الإذاعة والتليفزيون, أن كلية الإعلام تقوم بتهيئة طالب الإذاعة والتليفزيون من خلال التدريب الداخلي بإستديوهات الكلية يقوم بها مجموعة متميزة من المدرسين, والمدرسين المساعدين بالعتاون مع خبراء من خارج الكلية.

وعلى الرغم أن الجانب النظري مازال يحتل الجزء الأكبر إلا أن اللائحة الجديدة التي سيتم تطبيقها على طلاب الصف الثاني, والثالث في العام الجديد تضم العديد من المسارات العملية كالإنتاج التليفزيوني, والدرامي, والمنصات الرقمية بكافة قوالبها, بالإضافة إلى التدريب العملي الخاص بكل مادة نظرية, وبالتالي تحقيق الموازنة بين العملي والنظري, وبداخل “راديو إعلام أون لاين” يتم تدريب طلبة الإذاعة, وكذلك مجموعة من السكاشن المختلفة لطلاب التليفزيون بالاستعانة بخبراء من مجموعة من القنوات “دي أم سي“, “الغد” وغيرها وتدريبهم على التصوير والمونتاج وكتابة الإسكريبت والإعداد التليفزيوني والإذاعي؛ لتأهيلهم لسوق العمل بشكل عملي.
وتتابع أن خريجي قسم الإذاعة والتليفزيون لا يتوقف الأمر لديهم على أن يصبحوا مذيعي راديو أو مذيعي فيديو فقط, ولكن هناك المونتاج والجرافيك والتصوير والإخراج والهندسة الصوتية والمؤثرات البصرية وغيرها من المجالات.
وتتفق “دكتور سارة فوزي مع الدكتور محمد بركات” على أن طالب كلية الإعلام لن ينجو من فكرة وجود دخلاء على المجال الإعلامي وبالتالي لابد له من الحفاظ على قيمة وجودة المحتوى المقدم, ويفرض رأيه نسبيًا طالما أنه صحيح وللصالح العام رغم أنه سيتعرض للرفض والمقاومة من أولئك الذين يهتمون بالمكاسب على حساب المحتوى وقيمته, وعلى صانعي القرار الحد من هذه الظاهرة, ولكما تزايد عدد مختصي الإعلام في سوق العمل كلما أمكن ذلك إنشاء تكتل قوي يقدم محتوى هام ومفيد.
وعن العوائد المادية التي يقدمها المحتوى الإعلامي توضح أن العائد المادي ضعيف خاصة في بداية العمل مقارنة بالمجالات الإخرى, ومع مرور الوقت واكتساب الخبرة سيزيد قيمة العائد المادي, ولكن ما هو أهم من ذلك هو أننا صناع محتوى وأصحاب رسالة هادفة, وتأثير لدى الأفراد والدول.