“لم أخبر أحد عن طبيعة عملي، حتى لا أجرح مشاعر أبنائي، فأضطرهم إلى ترك تعليمهم، من أجل العمل وتحصيل الرزق”، هكذا عبرت أم بكري عن قصة كفاحها كأم وزوجة وامرأة تعمل في تنظيف البيوت دون علم أبنائها.
خيانة وبطالة
تحكي “أم بكري” عن ملابسات اقدامها على مهنتها الحالية “منظفة عقار”، مسترجعة بأن الأمر بدأ حين تعرفت على زوجها السابق بعد قصة حب نشبت بينهما عندما أتت معه من أسيوط إلى البدرشين، فالتقيا وتعارفا، ووقعا في الحب، ثم تزوجا.
تسترجع عاملة نظافة العقار تفاصيل أشد إيلاما عليها، “كانت حياتي الزوجية سعيدة ومستقرة” حتى قام زوجي أحمد بالزواج مرةً ثانية، فشعرت بألم في قلبي، وأُصِبت بالعديد من الأمراض التي أنهكتني، حتى طلق زوجته الثانية، وغادرته مع ابنيهما، ثم أتاني في حالةٍ يُرثى لها، فقد شعر بالذنب والندم بعد زيجته الثانية، وأخبرني أنني حبه الوحيد، وأن الله عاقبه في عمله وحياته، فكثرة المال أعمته وجعلته يتجبر عليّ”.
البطالة كانت السيناريو الأكثر استمرارا مع ام بكري والذي دفعها للاقبال على وظيفتها بدلا من أن يشعر أبنائها بالتشتت لفقدان العائل ومصاريف العيش، فقررت البحث عن عمل يحميها وأبنائها من شر الحاجة والسؤال، بعدما غادر والدهم العمل وأصبح عاطل.
“عملت في الحلوى، والحضانات، والبيوت، رغم تخرجي من معهد كمبيوتر”، تشير أم بكري في مأساتها التي ترويها أنها رفضت العمل في تخصصها، حتى تستطيع التوفيق بين البيت والعمل، ولا يشعر أبنائها بتقصير في حقوقهم، مستدركة بأنها لم تخبر أحدا عن طبيعة عملها، “حتى لا تجرح مشاعر أبنائي، فأضطرهم لترك تعليمهم، من أجل العمل وتحصيل الرزق”.
كفاح الأم
واستأنفت أم بكري حديثها موجهة نصيحة لكل أم مشيرة إلى مركزية الأم في حياة أبنائها: لقد ذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الأم ثلاث مرات وهذا يدل على أهمية دورها في الحياة، وعلى الأم ألا تقصر في حق أبنائها، فدورها الأول هو وضعهم على الطريق الصحيح، وإبعادهم عن الحرام، بالإضافة إلى الاهتمام بتعليمهم، لأنه سلاحهم الذي سيحميهم، وينير عقولهم ويهديهم إلى الصواب، وإذا كان الابن متمرد فعلى الأم أن تحتويه، حتى لا يزدد عنادًا وتمردًا، ويستمر في ارتكاب الخطأ.
واختتمت أم الابناء الثلاثة حكايتها بأمنيتها وتخوفها “أبكي كل يوم خشيةً على أبنائي، فأنا إذا أُصِبت بالمرض، لن يجدوا مصدرًا لعيشهم، وأتمنى أن أحصل على معاش يأمن لهم حياتهم، فهم حلمي وهدفي الوحيد، وأنتظر بفارغ الصبر لحظة حصولهم على الشهادات العليا، واعتمادهم على أنفسهم في العمل، ليردوا لي مجهودي معهم، فأنا أخشى أن يذهب كفاحي هباءًا، ومكافاءتهم لي أن يوفروا لي الفرصة لعمل عمرة أو أداء فريضة الحج، وأعلم أنهم سيقومون بذلك، فأنا أثق في تنشأتي لهم على العطف والحنان”.