“بسملة” طوعت موهبتها بهذه الطريقة.. وندى تخطت أزمة “مضايقات الشارع”
مجال الفريلانس واسع وكبير يمكن أن نقول إنه يضم مئات التخصصات والفروع المختلفة التي تندرج ضمن وظيفة واحدة، إذ تحتاج إلى مهارات عديدة لإثبات نفسك في مجالك، إلى جانب الشغف والإصرار الذي يتحكمان في خيوط أحلام كثيرات يمتلأ بهن مجتمعنا ممن يرغبن في تحقيق مبتغاهن، ففي هذا التحقيق نختص الفتيات ليعرضن حكايتهن مع مشروعاتهم الصغيرة التي بدأت بفكرة بسيطة وصولًا إلى ما ترضاه أنفسهم.
شغف الطفولة يتحقق
بدأت بسملة هشام، طالبة بالفرقة الرابعة كلية تربية نوعية، حديثها حول حبها للرسم منذ طفولتها إلى جانب أن كليتها لها علاقة وطيدة بالفنون، ومن هنا ظهرت فكرة البدء في تطويع موهبتها بالتركيز على الرسم والشغل اليدوي، “الفكرة وقتها إني عايزة حاجات تنفع هدايا وتنفع الناس وأسعارها مناسبة، وفي نفس الوقت أعرف أشتغلها بموهبتي”.
أما عن خطوات تنفيذ الفكرة فبدأت بإنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك ثم إنستجرام” لتعرض من خلالهم اعمالها التي تركزت في البداية على تصميم الجوابات والرسم عليها وكتابة بعض العبارات المناسبة، ثم اتجهت بعد ذلك إلى الرسم على شنط الهدايا، ثم انتقلت إلى فكرة جديدة أخرى وهي الرسم والتطريز على التيشيرتات والكابات، واستكملت معبرة عن مدى حبها لهذا المجال “كل حاجة كان ليها علاقة بالرسم، وعمري ما حسيت بالزهق لإني بعمل حاجة أنا بحبها”، وعلى الرغم من أن بدايتها كانت بأسعار قليلة مقابل خامات وجودة جيدة إلا أن في فترة قياسية استطاعت اكتساب زبائن كثيرة وهذا هو المطلوب.
وعن المشكلات اللي واجهتها قالت: “في ناس التعامل معها بيكون صعب ومش مقدرة إن دا شغل هاند ميد، ونوع تاني من الناس بيبقى مستعجل على الأوردر وطبعًا الشغل بيحتاج وقت”، إلى جانب عدم الإلتزام بالاستلام سواء بتجنب الرد على المكالمات أو تجاهلها وأحيانًا الحظر لقطع طريق الوصول إليهم، في حين أن التنفيذ يكون بالطلب ومن الصعب بيعه، لذا قررت لتفادي تلك المشكلة أن على أي عميل قبل البدء في تنفيذ التصميم أن يدفع جزء من المبلغ، والباقي مع وقت التسليم لضمان حقي.
ومن ناحية أخرى “مشكلة إن أنا بنت فكان صعب إني انزل اسلم الأوردرات بنفسي، بس حلتها إني كنت بنزل أقعد في كافية ويجوا يستلموا مني، فدا كان بهدلة ليا وتضيع وقت”، لذا بعد فترة لجأت إلى شركات الشحن، لتظهر مشكلة أخرى وهي عدم التزامهم بالمواعيد المتفق عليها أو تأخر المندوب في التسليم.
لم تقتصر موهبة بسملة على المشغولات اليدوية البسيطة فقط، فتعلمت في كليتها العديد من المهارات والصناعات المختلفة ومنها صناعة الحلي، وقد عرضت جزء من أعمالها في معرض رؤى جمالية للحلي المعدنية، ورغم ما حققته من تفوق في مجالات مختلفة، إلا أنها تفضل أكثر مجالي الرسم والتطريز، ليكون في مقدرة الجميع ومتناسب معهم.
أما بخصوص مخططاتها في الفترة القادمة، أشارت إلى محاولاتها البدء في أفكار جديدة ومختلفة ومن ضمنهم المكرميات وكذلك التركيز أكثر على المشغولات اليدوية البسيطة، واختتمت حديثها “استفدت من التجربة دي إني اكتسبت خبرة في التعامل مع الناس وشركات الشحن، وفهمت حاجة مهمة جدًا إن مش لازم أتعامل مع الناس كلها بنفس الأسلوب”.
صدفة تتحول لإتقان
انطلاقًا من مجال الهاند ميد والتطريز، أشارت هبة بدر إلى صدفة بدايتها في مجال التطريز، قائلة: “بعد انتهاء العام الدراسي علمت إنني سأدرس مادة في عامي الأخير في كلية التربية النوعية باسم علم التطريز، وبالتالي بدأت في البحث لأعرف أكثر عن المجال، وكان كل اللي في دماغي إزاي بيقولوا عليه علم دا إبرة وخيط يعني، بس اتضح إنه علم فعلًا، مش أي حد يعرف يخرج منتج مفيهوش ولا غلطة”.
فكانت أول تجربة لي طارة هدية لصديقة أختي، وتفاجئت برد الفعل إذ نالت إعجاب الجميع، وكان هذا بمثابة أولى خطوات البدء، “ومن هنا اتشجعت ونزلت اشتريت أدوات التطريز وبدأت أخد كورسات من اليوتيوب وأعرف تفاصيل أكتر عنه”.
وعن سبب اختيارها لمجال التطريز بالتحديد قالت: “أنا أصلًا بحب الرسم والألوان فقولت أرسم بالإبرة والخيط وتكون فكرة جديدة، وبالفعل حبيت النتيجة واتوسعت في المشروع وعملت جروب لشغلي على فيسبوك”.
وبعد فترة من التجربة والشغل تمكنت من تحقيق عدة أهداف بدءً من الوصول إلى تارجت عالي، وتأسيس اسم مرموق في مجال التطريز والهاند ميد، وصولًا إلى توفير دخل خاص بي حتى وإن كان بسيط ولكن على الأقل يكفي مصاريفي ومصاريف كليتي قبل ما أتخرج.
وبخصوص الصعوبات التي واجهتني انحصرت في الإعلان والتسويق لأعمالي، وذلك لحكم القرية التي أعيش بها، فليس الجميع هنا يعرف ويقدر المشغولات اليدوية، ومن ناحية أخرى تعاملت مع نماذج مختلفة من البشر وتغلبت على مشكلة عدم قدرتي على الاختلاط بالأخرين والتعامل معهم بكل أريحية.
درست الإعلام وأهوى الفاشون
استهلت تقى محمود، طالبة بالفرقة الرابعة كلية الإعلام، حديثها حول امتلاكها موهبة وهواية الرسم منذ الصغر إضافة إلى هوس شديد بالموضة والأزياء، وتؤمن بأن استغلال الموهبة السبيل الأمثل للتخلص من الطاقة السلبية، “طوال تلك الفترة لم يكن في مخططي رسم الأزياء إذ تغير هذا تمامًا بمجرد بدأ المرحلة الثانوية، فاتجهت إليها بأدوات بدائية بسيطة فاعتمدت عليها في تأدية الغرض، لأتفاجئ برد فعل من يشاهد تلك الرسومات والتي كنت أظن أنها مجرد شخبطة فقط ليس إلا ويطلبوا مني المواصلة في هذا المجال”.
ومع فترة الصف الثالث الثانوي ركزت على طريقين، الأول الحصول على مجموع عالي وبالتالي الالتحاق بكلية من كليات القمة، والثاني الالتحاق بكلية فنون جميلة، “بس من جوايا كان الجزء الأكاديمي عايز إعلام، فأول لما خلصت الامتحانات عملت اختبار القدرات للكليتين، واتقبلت في إعلام”.
رغم تمسكي بهواية الرسم إلا إنني عزفت عنها لفترة ونالت الكلية والكورسات الجزء الأكبر من تركيزي، ولكن مع بداية جائجة كورونا تغير كل شئ لتكون الدراسة والكورسات تبث أونلاين “فأقدر اقول إن القدر لعب لعبته ومن هنا بقى بدأ الموضوع، رجعت تاني بس حبيت أغير واتجهت لرسم الأزياء أكتر ولقيت الموضوع اتطور عندي كتير واليوتيوب ساعد في إني أتعلم أكتر وأشوف تفاصيل زيادة”.
وعن أول تصميم لها قالت: “كان عندي فرح ووقتها كنت أنا عايزة تصميم معين بس مش لاقياه، فجبت الرسومات بتاعتي فبدأت ارسم اللي في بالي وأتخيل اللون والقماشة، ولسه مكنش عندي خبرة في الخياطة فروحت لحد يعمله وقولتله أنا عايزة شبه بالظبط، وبجد محدش شافه ومعجبهوش، فكنت فرحانة بيه عشان شغلي شكله جديد ومختلف”.
لم تكن تقى وحدها تسعى في طريقها إذ وجدت دعم وتشجيع كبير من جانب والديها مما دفع للاستمرار في مجال الفاشون، “وفعلا بدأت وعملت بيدج على فيسبوك وإنستجرام، وفجأة الموضوع اتحول من مجرد هواية إلى حاجة فعلًا مكنتش متخيلاها، وواحدة واحدة اكتسبت خبرة أكبر واتعلمت أكتر”، كما كانت تؤمن بضروة مساعد الآخرين فاتجهت لتوظيف خبرتها البسيطة في شكل كورسات خاصة بالفاشون والتصميم، إذ أنه يختلف تمامًا عن الرسم المعروف.
عبرت عن امتنانها بوجودها داخل كلية الإعلام مشيرة إلى أن بفضلها استطاعت كسر حاجز الخوف والرهبة مما ساهم في اتخاذ خطوة الكورسات، وكذلك التعامل مع الغير دون أي خوف أو توتر، إلى جانب دراسة أسس العلاقات العامة التي انعكست بشكل إيجابي على التخطيط بدقة للبراند وخطوات التسويق والمنافسة في السوق، وأوضحت في نهاية حديثها أحلامها وطموحاته المستقبلية إذ تنوي بعد تخرجها افتتاح أتيلية وأكاديمية خاصة لتعليم فن الأزياء.
“بالتشجيع قدرت أكمل”
“أنا بحب الميكاب من صغري وكنت دايمًا بحط لأخواتي ولنفسي ولصحابي بس طبعًا مكنش عندي الماتريال الكافية لأن كنت لسه في إعدادي”، بالانتقال إلى المرحلة الثانوية اقترح عدد من صديقاتي البدء في المجال، ولكن قابله ذلك رفض شديد من أهلي، هكذا افتتحت هدى عبدالوهاب، ميكاب ارتيست، حديثها عن بداية مشوار في عالم الميكاب.
ورغم رفض والداي ظلت كلمات وتشجيع الباقي تتردد في ذهني طوال تلك الفترة، لذا قررت الادرخار من مصروفي جزء وإن كان بسيطًا، حتى انهيت امتحانات الصف الثالث الثانوي والتحقت بكلية التربية، “كان معايا مبلغ بسيط بس مكنش هيكفي وقتها إني أبدأ، فاشتغلت سكرتيرة عند مدرس، وبدأت أجمع واحدة واحدة الحاجات اللي هحتاجها وأعينها وأقول دي عشان لما يبقى مكان”.
ومع نهاية العام الأول في الجامعة أتخذت أولى الخطوات تجاه حلمي، وبالفعل كانت بدايتي مع أصدقائي ثم انشأت صفحة خاصة بي لعرض بعض صور على فيس بوك، “ولأن مكنش ليا مكان وقتها فكنت بروح للناس في بيتها، وطبعًا دا كان محتاج مجهود ووقت ومكنتش بعرف أروح لأكتر من اتنين في اليوم، وكمان أنا شخص مش اجتماعي خالص فكان صعب عليا أروح للناس في بيتها”، وفي لحظة سيطر على تفكيري التوقف وعدم الاستمرار في هذا، ولكن تلقيت دفعة أخرى من الدعم والتشجيع تكفي للعودة مرة أخرى عن هذا القرار.
ومع ضغط العمل والإحساس بجهد أصدقائي معي قررت افتتاح مكان خاص بي، وتزامنا مع تلك الفترة بدأت جائحة كورونا، ولكن وجدت رفض من الأغلبية متفقين حول أن أحوال البلاد ليست جيدة للبدء وجميع المشاريع تغلق، وافتتاح مكان خاص بي في تلك الأزمة التي يمر بها الجميع تعتبر مجازفة كبيرة قد تضرني.
رغم ذلك لم أهتم وواصلت البحث عن مكان يناسبني، “وأنا كنت محضرة كل التجهيزات اللي هحتاجها، وبالفعل فتحت في أول الكورونا وفضلت أدفع أول 3 شهور إيجار من جيبي، وكنت خلاص قررت أقفل بس لقيت ربنا فتحلي باب رزق وجالي شغل”.
وخلال فترة قصيرة تمكنت من إثبات نفسي في هذا المجال بالرغم من وجود الكثيرات التي تعملن كميكاب ارتيست ومعروفات أيضًا، إلا إنني أتبع نمط مختلف تميزت به وهو “السيمبل ميكاب”، ثم قالت معبرة عن امتنانها لما وصلت إليه “الحمد لله ربنا وقف جنبي كتير، دا كان حلمي ودي الحاجة الوحيدة اللي حاسة إني شاطرة فيها”.
ولكن لم يخلو مشوار هدى من الصعوبات، فالتعامل مع الناس ليس الأفضل دومًا وكما تقع عليكِ مسؤولية كبيرة لفهم ذوق الفتاة التي أمامك وماذا تريد بالتحديد، إلى جانب “أن الماتريال غالية جدا مقابل السعر البسيط اللي بشتغل بيه هي آه حاجة بتميزني بس تعباني الفترة دي في ظل الغلاء”.
ومن ناحية أخرى عانيت لفترة من صعوبة البعض في التعامل بسبب صغر سني ولكن هذا ليس معناه أبدًا التقليل مني أو من ما أقوم به، “دي الحاجة اللي نجحت فيها وبحبها محدش يقلل منها أي كان هي إيه، لأني فرحانة وأنا بعمل دا مش مجرد إني رايحة اشتغل وبس لا أنا بطلع كل طاقتي فيه”.
اختلاف وتفرد
وبالانتقال إلى مجال جديد ومختلف تحدثت سدرة محمد عن مشروعها البسيط قائلة: لم يخطر على بالي قط اتخاذ أولى الخطوات نحو مشروعي هذا، على عكس من حولي فكنت دومًا أجد تشجيع منهم للبدء “كانوا شايفين إني شاطرة في المطبخ وتصويري حلو فاقترحوا عليا أعمل مشروع، بس وفجأة قررت أبدأ فعلا، قولت ليه لأ أجرب مش هخسر حاجة”، لذا اتجهت لتحضير كافة المستلزمات التي سأحتاجها بدءً من الأدوات والتغليف، ثم التفكير في الاسم المناسب ووقع الاختيار على “Dount worry.. be happy”، وصولًا إلى إنشاء جروب على فيس بوك بعد اكتمال كافة التجهيزات.
وعن سبب اختيارها لصنع الحلويات تحديدًا قالت: “اخترت الحلويات عشان أسهل من الأكل، أنا اه شاطرة في الاتنين بس كمشروع الحلويات أبسط بكتير، دا غير أن الحلويات دي ألطف حاجة ممكن الواحد ياكلها”.
أما بخصوص الصعوبات فتتضمن قلة خبرتي في المجال وكذلك سوء الإدارة ورأس المال، ومازالت أحاول الوصول لحلول تلك المشكلات، ومن ناحية أخرى الطريق طويل ولم أحقق ما أنوي إليه، إذ أطمح بتأسيس مكان خاص بي لكن على طراز يختلف تمامًا عن باقي المحلات الموجودة.
نظرات المجتمع لم تمنعني
ندى مختار، طالبة بالفرقة الرابعة كلية الآداب، عاشقة لكل ما له علاقة بالفن، الطامحة للالتحاق بكلية فنون جميلة قسم ديكور، لكن لم يشاء القدر لذلك والتحقت بكلية الآداب، وعن بداية دخولها إلى مجال التصوير قالت: “في يوم اقترحت عليا صحبتي إني أشتري لاب توب وأتعلم إيديت، خصوصًا إنها كانت بتشوفني بصور كتير بالموبايل”.
وبالفعل أتبعت “ندى” نصائحها نحو التركيز على دورات تدريبية تخص مجال التصوير والإيديتنج، فكانت أولى تجاربي مع أصدقائي ولم يكن لدى أي أدوات سوى هاتفي الشخصي، رغم ذلك نالت إعجاب من يراها لذا أتخذت قراري وعرضت الفكرة على والدي وتمكنت من إقناعهم بعد رفض شديد، “لم أنس مطلقًا تلك اللحظات السيئة التي مرت عليّ منذ البداية حتى الآن فلم يكن لدي أي خبرة في التعامل مع الكاميرا أو حتى كيفية حملها، وخصوصًا عند التصوير في الشارع، “كنت هوقف تصوير بسبب الموضوع دا بس أهلي وصحابي وقفوا معايا وشجعوني لحد ما اتخطيت النقطة دي”.
ورغم كم المتاعب التي تعرضت إليها منذ البداية حتى الآن إلا أنها راضية تمامًا لما وصلت إليه قائلة: “أنا فخورة بنفسي ومستوايا بيطور، بدأت أحس إني عوضت حاجات كتير ناقصة في حياتي، بعد ما كانت فاضية زمان قبل ما أبدأ، بس دلوقتي بقت أحسن بكتير وبفرح أوي لما ألاقي ناس عرفاني”.