الناقدة الفنية: شيوع الأداء النمطي بسبب إهمال احتياجات المجتمع
تنميط وتسطيح تجسيد الوظائف في الدراما و انتشار أداء نمط في تجسيد الأدوار حتى من كبار الممثلين، أبرز القضايا التي ناقشناها مع خيرية البشلاوي، الكاتبة والناقدة الفنية، حيث لاحظنا في الفترة الأخير تراجع ابتكار المؤلفين واعتمادهم على نمط واحد فقط في عرض شخصيات الوظائف وتناولها من جانب وإهمال جوانبه الأخرى والتي تؤثر على أفعال وسلوكيات الشخصية.
هل تتنوع الدراما في عرض جوانب شخصيات الوظائف أم تتجه للتنميط والتسطيح؟
يمثل التنميط احد أزمات الدراما المصرية المتمثل في ختزال الشخصيات في صورة مكررة لا تتغير، ونلاحظ انتشار الأداء النمطي لدى الممثلين وأحيانًا بعض الفنانين أصحاب التاريخ الكبير والشهرة والذين يخضعون لنفس الأسلوب للتعبير عن الشخصيات التي يجسدونها وهنا تصبح الشخصية نمطية.
وما هو سبب اتجاه صناع الدراما إلى تنميط عرض وظائف المجتمع؟
بسبب اتجاه الدراما إلى التنميط؛ ﻷنها لا تدرس احتياجات المجتمع، وإنما تبحث عن جاذبية الموضوع فيهتم صناع السينما بكيفية إنتاج عمل تجاري يمكن أن يجذب المتفرج وبالتالي تزيد المبيعات، وتعرض الوظيفة في إطار قصة رومانسية أو بوليسية أو كوميدية، لكن لا توجد دراسة أو خطة بالنسبة للإنتاج السينمائي أو الدرامي فلا يستهدف المؤلفون نمط معين لشخصية الممرضة مثلًا ولكنها توضع في إطار قصة متكاملة.
ما هي طبيعة الفروق في تجسيد الوظائف ما بين السينما والأعمال التليفزيونية؟
لا تخضع الأعمال التلفزيونية لتحكمات الشباك والربح والخسارة أو تلتزم بخطة، وبالتالي لا نجد عدد كبير من الوظائف وإذ تم تقديمها فيكون في صورة نمطية بدون النظر لحيويتها وإنسانيتها فلا تتوحد معها الشخصيات التي تشبهها، وإن وجد تنميط شخصيات الوظائف فالأعمال الجيدة تعمل على تشخيص ما تقدمه بمعنى تجسيدها في صورة بشرية من لحم ودم ولا تكون في صورة طبق الأصل مما قُدم سابقًا وبنفس المواصفات، فالتنويع في تقديم الوظائف ليس محض الصدفة ولكن بناءً على خطة موضوعة مسبقًا وحسب إمكانياتها لجذب المتفرج فقد تشمل مشاهد أكشن أو إثارة واشتباكات.
كيف يتأثر تجسيد الوظائف حسب الفترة الزمنية وتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية؟
يشكل السياق الاجتماعي والاقتصادي تأثير على اختيار القصة وأسلوب المعالجة وطرق رسم الشخصيات التي يتضمنها العمل، وكيف يقدم شخصيات إنسانية فاعلة يعرض من خلالها صناع العمل المادة الفنية، فمثلًا عند مشاهدة فيلم من فترة زمنية معينة فإن ذلك يجعلك تكتشف السمات التي تميز تلك الفترة وتكون ثقافتها وتاريخها، وتكشف جميع متعلقاتها سواء الموضة والأزياء أو الموسيقى أو الديكور.
هل تلتزم الدراما بعرض الواقع كما هو أم تتجه للتغيير والابتكار، وكيف يتأثر المجتمع بطريقة تقديم الوظيفة ومدى تقبله لها؟
لا يجب على الدراما أن تنقل صورة مطابقة للواقع وإنما تعبر عنه خلال رؤيتها ومنظورها، فتلقي الضوء على أهم ما يميز الواقع والمشاكل الموجودة به، وتقدم الشخصيات التي تتعامل مع هذه المشكلات من وجهة نظر معالجة الواقع وتقدم جوهره، وتقترب من الواقع وليس نقله كصورة فوتوغرافية، فتعرض الواقع من منظور نقدي ووصفي واجتماعي يعالج زاوية تبرز سمات الواقع المرتبطة بالفترة الزمنية التي تُعرض فيها.
والمشكلة تكمن في تأثر المجتمع بما تقدمه الدراما ولكن ليس بدرجة التقليد، فإذا كانت الشخصية جيدة تؤثر بالمشاهد بدرجة كبيرة ويتشبه ببعض صفاتها وليس نقله صورة طبق الأصل، أما ما يتعلق بأشكال العنف المقدمة وما تشمله من عمليات انتقام فيمكن أن تؤثر الشخصيات الشريرة في أشرار الواقع فيقتبسوا منها بعض الحيل التي تستخدمها.
ما هي أسباب اتجاه أغلب الأعمال الدرامية إلى تقديم الوظائف كالتدريس والمحاماة والتمريض على نمط واحد فقط ؟
يكمن السبب الرئيسي في انعدام الابتكار والإبداع وتلجأ بعض الأعمال إلى الاستسهال في تقديم هذه الشخصيات والتبسيط والابتذال في التناول، وكل هذا يتوقف على نوع المعالجة والموضوع المقدَم، ويتم إهمال السمات المتداخلة أو المتضاربة في الشخصية، فعند مطالعة شخصية الممرضة مثلًا قد نجدها ملاك رحمة أو شريرة أو متأمرة أو فاسدة، فهي ليست صورة نمطية واحدة وإنما أنواع بشرية مختلفة، وكذلك الضابط أو المحامي أو رجل الأعمال فجميعهم بشر يمكن أن يكون الفرد منهم شرير أو نصاب أو قاتل حسب نوع القصة المعروضة.