يومًا ما كنا صغارًا يرادونا أحلام، وتأملات نتطلع لتحقيقها، وحينما كبر الصغار اصطدموا بالواقع المرير لتتحول الأحلام إلى سراب، تنمو أمنية جديدة لتعويض سابقتها، وتستمر قسوة الحياة في تبديدها، تأرجح الصغير بين طيات الرياح التي جرفته إلى قدره ليصبح بين ليلة، وضحاها كبيرًا، حتى لو كان في نظر الجميع مازال صغير السن، الحياة بإمكانها أن تجعلنا ننضج على نار هادئة، والأنتقام منها وجبة تؤكل باردة.
طبيعة وظيفة عمال التشوينات
هي وظيفة يقوم صاحبها بتحزين وتجهيز مواد البناء كالأسمنت، والطوب، والرمال، وحمياتها من التعرض إلى أي شوائف أو درجة حرارة تؤدى إلى تلفها بالإضافة إلى المساعدة في عملية نقلها من مكان إلى أخر ومن عقار إلى غيره وهكذا، وهي وظيفة صعبة، وتمتثل لنوع من الخطورة، وتحتاج إلى مجهود بدني كبيرًا، وبنية جسدية تستطيع تحمل متطلبات تلك الوظيفة.
كواليس خلف العمل
الليالي الجامعية التي يحلم بها الجميع، متصورين أنها الأكثر رفاهية، لم تكن تسري لدى رائف صلاح كغيره من الطلاب، فيقول اخترت العمل كعامل تشوينات لدى إحدى الشركات بال أسكندرية نظرًا للأجر الكبير الذي كنت أحصل عليه في هذا الوقت، استمر في العمل كل يوم لمدة 8 ساعات، وحينما أنتهي أعود إلى المنزل لدراسة المواد الفلسفية بكلية التربية، ويسير اليوم كغدًا.
ليست نهاية الطريق
الظروف المادية الحائل وراء تحقيق الحلم؛ قال رائف صلاح أنه لطالما أراد الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، وبالفعل تحقق المراد ونجح في الاختبارت المؤهلة للقبول بالكلية، ولكن تأتي الرياح كما لا تشتهي السفن، فلم يستطع تغطية التكاليف المادية لمتطلبات الكلية العملية، وقام بالتحويل إلى كلية التربية بجامعة الأسكندرية ككلية نظرية، ليكون لديه متسع من الوقت لجني الأموال، ووجه نصيحته في هذا الصدد مستندًا على الآية القرآنية ” وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، وتابع أن الانسان ليس عليه سوى السعي فقط، كضمان لحتمية الوصول، والفشل لا مبرر له.
على أعتاب التعيين الجامعي
رغم الظروف التي تعرض لها، ومتاعب العمل التي يواجهها، استطاع حجز تذكرة VIP ليكون من أوائل طلاب الكلية، وعلى الرغم من ذلك تأخر التعيين الجامعي، ووجدت نفسي محاطًا بالعديد من الالتزامات تجاة ذاتي وتجاه أسرتي، وتجاه الشريكة المستقبلية، ورغم علمي أنني سأتعين، استكملت العمل في التشوينات، وسافرت من الأسكندرية إلى القرية الذكية بالقاهرة، وطلبت من رئيس العمل مضاعفة عدد ساعات العمل ليكن مجموع الساعات 16 ساعة عمل لحمايتي من التفكير في الأمور السلبية خاصة بعد عدم إتمام أمور زواجي نظرًا لتأخر التعيين.
المنحة والمحنة أيهما ستختار؟
ظننت في هذه المدة أن حياتي ستأخذ منعطف أخر على غير المخطط له، ولكني أقسمت على عدم الاستسلام، واخترت الاستمراريه في السعي ليتوجع بالأخير إلى التعيين في قسم المناهج التربوية وطرق التدريس، أنت تستطيع الوصول إلى الحلم الذي تريديدة بداية من الصفر إلى القمة وهذه النصيحة هي التي أوجهها دائما إلى طلابي.
