ظهرت الفكرة الأولية لوظيفة البلوجر كتعبير عن الرتابة التي أصابت المجتمع الأمريكي جراء مشاهدة حياة المشاهير من الفنانين المثالية في مطلع الألفينات، وتعددت الرغبات المنادية بوجود عرض لحياة تتشابة مع أفراد المجتمع الأمريكي، وبالفعل ظهرت العديد من الاستجابات لتلك الدعاوي، وبمرور الوقت انتشرت تلك الفكرة في بلدان العالم، لتتمحور تلك الفكرة إلى وجود ” بلوجر” تستعرض حياتها المثالية، والسفريات التي تقوم بها، والحفلات التي تقيمها احتفالاً بكل مناسبة تتطرأ على حياتها، ليتغير مسار الفكرة الأولية التي دعت بتأسيس هذا النمط من الفيديوهات، وتتحول إلى وظيفة مضمونة الأرباح، كل ما يفعله ممتهنيها هو تصوير كل ذرة بحياتهم.
يقول طه حسنين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن ممهتنهي تلك المهنة لديهم ثقافات ومستويات علمية مختلفة، كل منهم لديهم أهداف خاصة يسعوا إلى تحقيقها، وبظهورهم على منصات التواصل الإجتماعي سيصاحبهم تأثير سلبي وإيجابي على المشاهد، والأمر الفيصل هنا في إحداث هذا التأثير هو الأنتقاء لما يشاهده.
ويضيف أنه لمنع حدوث عدم الرضا عن المخططات الحياتية الحالية لدى المشاهد في حال التأثر السلبي بهم يتوقف الأمر على التأسيس والنشأة منذ الصغرعلى الرضا بالحياة، والحد الأدنى للوضع المعيشي له، وتستمر المحاولات في ذلك الصدد وتتطور عبر الأطوار الحياتية المختلفة وبنجاح النشأة والتأسيس لن يصاب المشاهد بأى يأس بعد رؤيته للأوضاع المعيشية للبلوجرز.
ويتابع أن للأسرة دور كبير في هذا الأمر خاصة وأن ابنائهم يقعون تحت طائلة العديد من المنازعات خاصة في حالة خروجهم من نطاق الأسرة وتوجهاتها، وبالتالي لابد من تحصينهم من تلك المتغيرات التي تعتريهم جراء نشر ثقافات مختلفة من قبل البلوجرز، وبالتالي تكوين شخصية مقاومة لكل تلك الأمور ويستطيع أن ينتقي من خلالها ما هو جيد وهو ما سئ.
وتضيف إيمان الموندي، أخصائية الطب النفسي، أن هؤلاء الأفراد قبل أن يمتهنوا تلك المهنة هم ” بني أدمين بحثوا عن الشكل الدنيوي”، خاصة الفتيات اللآتي يبحثن عن الشهرة في ظل الظروف المحيطة التي تعتريهم.
وتتابع “البلوجرز” هم الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية على عكس الظاهر بمواقع التواصل الاجتماعي، ويعانوا بشكل دائم من عدم استقرار بحياتهم، ويترددون بشكل مستمر على عيادات الطب النفسي، لأن كل ما يظرهونه على المواقع هو مجرد “عمل” يريدون تحقيق المشاهدات وبالتالي الأرباح من خلاله.
واسترسلت أن هناك مشاهدين مذبذبين قد يعانون من اضرابات نفسية في حالة مشاهدة الحياة المثالية للبلورجرز ويعاني الجنسين الفتيات والشباب من ذلك الأمر، ويرغبون في تقمص حياتهن، وبالتالي لابد من اقناع أولادنا أن هؤلاء حياتهم مثل الحياة التي يعيشونها يعانون من الضغوظات والمشكلات ولكن كل ذلك يحدث فقط خلف الكاميرا.
واختتمت حديثها بذكر القصة الدينية لقارون ومدى ثرائه الفاحش لدرجة أن هناك عصبة من الرجال “11 فيما يزيد” يحملون مفتاح الكنز الخاص به فما بالك بالكنز ذاته، وحينما كان يسير في قريته كان الجميع يتمنى لو أنه يملك ما يملكه قارون، وحينما خسف الله تعالى به الأرض تراجع الناس عما كانوا يتمنوا، وكذلك الوضع مع المشاهدين والبلوجرز؛ يتمنى المشاهد لو أنه يعيش معيشته ويتمرد على حياته ويشعر بعدم الرضا عنها.
تقول ضحى حربي، صانعة محتوى على اليوتيوب، أن متابعة البلوجرز ستنشئ مجتمع استهلاكي؛ وذلك نتيجة ارتباط المشاهد نفسيًأ بالبلوجرز أي الرغبة في التقليد، ونتيجة تكرار الإعلانات التي يتولاها البلوجرز لمدة فترة زمنية سيتولد لديه احتياج وهمي للماركة المعلن عنها، ولا يتوقف الأمر على الاحتياجات المادية، بل المعنوية أيضا؛ من خلال تصدير البلوجرز لنمط الوجه الخالي من العيوب نشأ لدى أفراد اتجاه عام بالمثاليه وعدم التصالح مع عيوب البشرة والتصوير ” بالفلاتر” لإخفاء تلك العيوب، وعدم قبول صورته عن نفسه.
وتصنف “حربي” البلوجرز إلى أربع فئات تستخدم أساليب رئيسية في حياتهم أولاهم أسلوب المكافح في الحياة، وتصدير تلك الصورة، ثانيهم أسلوب المسابقات المزيفة لتحقيق الأمنيات التي تهدف لجذب شريحة من المتابعين وفيما بعد يستهدفونهم كما يشاءون, ثالثهم أسلوب الحياة الفارهه وهو أبرز أساليب الاستثمار، وأخرهم وهو الأهم النهج اليومي من خلال صناعة صلة مزيفة مع الجمهور، وتلك الصلة ايهامية بالطبع، كل ما يسعون من خلالها هو تسويق الحياة اليومية فقط لجذب المتابعين.