يسير الكاتب المصري في بداية مشواره على خطى متضطربة تتسلطه العواقب من كل صوب وحدب فدار النشر تلك تطلب الأموال الباهظة من أجل قيمة النشر, وأخرى تطلب أموال يستحيل على أي شخص لا يعمل أن يسديها وإن كان يعمل فسيضطر إلى دفع “تحويشة العمر” لأجل أن ينال عمله قيمته التي يستحقها من وجهة نظره, قلما تجد من يشترون الموهبة على حساب الأموال من دور النشر ناهيك عن هؤلاء الذين يبيعون كلمات الناس في الطرقات على هيئة رواية أو نصائح تقدم على طبق من ذهب من شخص يعتقد ذاته مخضرم بالحياة, وهو لا يمت لذلك بصله فتجد معارض الكتب, ودور النشر تفج بكلمات هؤلاء, ولكنهم يملكون المال فيملكون بذلك مكانهم الخاص بتلك الأماكن, وعلى الجانب الآخر تجد الكلمات المبدعة, والأفكار الفريدة في طي النسيان يمتلئ التراب صفحاتها إلى أن يشئ الله أمرا مفعولا، وعلى ضوء ذلك يعرض التقرير التالي الكتابة كوظيفة بعائد مادي وما يمكن أن يتعرض له الكتاب في حال اختيارهم لذلك الأمر كعمل أساسي أو إضافي بحانب الأساسي.
في البداية، يقول الكاتب” محمد طارق”, والباحث في مجال علم النفس, والمدون الإلكتروني على مواقع التواصل الإجتماعي, وصاحب الأعمال الروائية الشهيرة جرعة نيكوتين المجمعوة القصصية التي صدرت عام 2015, رواية باريس لا تعرف الحب عام 2016، بإن أعماله لاقت رواجًا كبيرًا بين محبيه, أن العائد المادي من الأعمال الأدبية يعد عائد رمزي لا يعتمد عليه, وفي بعض الأحيان قد لا يؤخذ بعين الإعتبار, ومهما تدرجت في المنزلة والمكانة فإن طبيعة سوق النشر بمصر عوائده رمزية, وأيضا لا ينجو من ذلك كتاب السيناريو فإن المقابل المادي الذي يتلقوه ليس كما يخيل للجميع, وهناك مجالات في الكتابة الإبداعية تجني عوائد مادية كبيرة كمجالات الكتابة للتسويق الإلكتروني, والعمل لصالح شركة وغيرها,ويضيف أنه لا يمكن الاستغناء عن أي مصدر دخل أخر في سبيل كتابة الرواية.
ويضيف بأن الكتاب يواجهون صعوبات, وسلبيات كبيرة أثناء مشوارهم المهني تتمثل في النسخ الورقية” المضروبة”للرويات التي يتم إصدارها؛ فدار النشر تمر بالعديد من المراحل لإصدار رواية جيدة للجمهور من خلال إرسال الرواية للمصحح اللغوي, المنسق الداخلي, مصمم الأغلفة, وصولاً إلى المطبعة, وحينما تقوم جهة خارجية بطباعة نسخ مزورة فإنها بذلك تضر منظومة كاملة بداية من أصغر عامل بدار النشر وصولاً إلى الكاتب, باللإضافة إلى أن أغلب المحتوى السائد في مصر ليس المحتوى القيم رغم أن مصر تمتلك أقلام جيدة تستطيع إعادة مصر إلى هيبتها الثقافية المتعارف عليها, كما أن تركيز الإعلام لا ينصب سوى على الأمور الغير مفيدة وجذب المتابعين وتحقيق أعلى معدلات “الريتش”, ومن النادر أن يركز على الوسط الأدبي وانجارات مواهبه, والثقافة في مصر ليست ضمن أولوليات الأجندة الإعلامية, فحينما تتصفح جريدة لن تجد سوى جزء صغير جدًا يتحدث عن الأدب والثقافة مقارنة بالمجالات الأخرى.
ويسترسل مؤكدًا على أن دور النشر لا تركز على الموهبة وثقلها بقدر ما تركز على الاهتمام بالسوشيال ميديا, وعدد متابعي الكاتب ومن خلالها تستنبط عدد النسخ التي سيتم بيعها, منذ عدة سنوات كانت العمل الأدبي يدخل ضمن لجنة مراجعة مكونة من 4 أشخاص, يتدارسون العمل المقدم بدقة شديدة لكي يوافقوا على إصداره, وفي حالة الرفض يرسلون النقاط التي تم رفض العمل الأدبي لأجلها, أما الآن أصبح التركيز منصب على أمور أخرى وأصحبت الموهبة وحدها لا تكفي.
ويختتم حديثه بنصيحة للكتاب المبتدئين بأن يحافظوا على هويتهم وفلسفتهم اللغوية فقط فلا يتأثرون بأي كاتب أخر ويركز على ذاته فقط, فيستفيد فقط من خبراته ونجاحه؛ “كن أنت”.
وتتفق الكاتبة ” أميرة علام”, صاحبة الخمس روايات إيجيبتوس, باريدوليا, المدينة المتبدلة , مذكرات صبا, ثلج تحت الشمس عام 2023, أن الكتابة الروائية لا تعطي عائد مجزي خاصة للكتاب المبتدئين, بل وأن هناك من يدفعون ثمنًا لنشر رواياتهم, كما أنها لا تستطيع أن تكفي الكاتب احتياجته المادية بل ولابد له أن بوظيفة جانية بجانب كونه كاتب روائي.
واستنكر “علام” عدم تقدير الكتابة الإبداعية جيدا في مصر خاصة وأن دار النشر قد تكون تتعامع مع أكثر من 50 كاتب, وأحيانا لا يكون هناك تقدير وتعامل جيد معهم, ومن هنا تحدث العديد من المشكلات, ومعظم دور النشر تركز في المقام الأول على الأرباح ومن ثم تأتي الموهبة أو لا تأتي.
وووجهت “الروائية الشابة” نصيحتها لمن سيخطو المجال الروائي, بالقراءة الكثيرة والكتابة حتى يتحسن الأسلوب ويتطور مع مرور الوقت, ويبحثون جيدًا عن دور النشر والعروض المتاحة قبل أن يقع الإختيار على الدار التي ستقوم بإصدار الرواية الخاصة بهم.
بدورها، قالت الكاتبة الروائية “شيماء جادو” صاحبة رواية وظيفة خالية في منزل 666, ورواية وشاح ملطخ بالدماء, أن العائد المادي ليس قليل فقط بل من الممكن أن لا يتواجد من الأساس فقد يضطر الكاتب خاصة في بداية مشواره التخلي عن الأرباح في مقابل النشر, حيث تستغل دور النشر عدم شهرة الكاتب, وعدم وجود عدد كبير من المتابعين وتقتنص منه العمل الأدبي المقدم دون أرباح.