احترفت عبير خريجة كلية التربية النوعية شعبة التربية الفنية والحاصلة على ماجيستير تمهيدي في أكاديمية الفنون فن “المصغرات”، وهو فن غير تقليدي يهتم بالتراث من الدرجة الأولى ويجمع بين أكثر من فن أو حرفة واحدة، فيتضمن فن النحت، الرسم، الزخف، النجارة وأحيانًا فن الديكوباچ، حتى عُرفت بلقب “المصغراتية”.
المصغرات أم الفنون
بدأت المصغراتية في اكتشاف ذلك الفن بالصدفة من خلال ابنها، الذي كان يرغب في تنفيذ أحد المجسمات الموجودة على موقع التواصل الاجتماعي” يوتيوب”، وكان تلك المجسم لبيت عرائس مُصغر، أُعجبت بتلك المجسم كثيرًا وبدءا تنفيذه سويًا، وتابعت البحث عن النسخ التراثية من فن المصغرات فلم تجد أي تنفيذ لمصغرات تخص التراث العربي أو التراث المصري؛ لذلك كان اهتمامها الأكبر بعمل مصغرات تمثل تراثنا العربي والمصري ودراستها ساعدتها كثيرًا في تعلم فن المصغرات واحترافه من خلال فيديوهات اليوتيوب.
أوضحت عبير سعد الدين أن فترة انتشار فيروس كورونا والحجر الصحي كان سببًا في بداية تعمقها في فن المصغرات، قائلة: “كورونا مثلت نقطة التحول بالنسبة لي في فن المصغرات”، حيث كان لديها الوقت الكافي لتنفيذ الكثير من النماذج وتطويرها بأفضل طريقة؛ لتبدأ المصغراتية في عرض أعمالها من المصغرات والتسويق له من خلال موقع التواصل الاجتماعي” فيسبوك”، موضحة:” في البداية كنت خايفة جدًا من عرض شغلي للناس، لكن لاقيت فيه إعجاب من الناس، وإقبال كبير على المصغرات “.
في بداية تعلمها لفن المصغرات كانت عبير تلجأ كثيرًا لتنفيذ بعض النماذج من التراث، حيث بدأت بتنفيذ” القلة، الزير، المخرطة، اللمبة الجاز”، وعُرفت لدى الكثيرين بأنها تنفذ المصغرات التراثية فقط، لكنها تتجه أحيانًا لتنفيذ المصغرات للأشكال الحديثة ونماذج لملاعب كرة القدم وتنس الطاولة والغرف والبيوت الحديثة، وبشأن اهتمامها بالجانب التراثي أوضحت المصغراتية: “جمهوري في بداياتي كان يمثل الناس اللي بتحب المصغرات التراثية لأنها بتفكرهم بطفولتهم وذكرياتهم، ولكن حاليًا عندي قاعدة كبيرة من الجمهور من الشباب، لأني بدأت انفذ مصغرات لها علاقة بالأندية الرياضية، والنوت بوك بأسماء الأشخاص وصورهم”.
بعد عرض المصغراتية لأعمالها من المصغرات على” فيسبوك”، طلب منها العديد من الأشخاص من خارج مصر بعمل ورش تعليمية أونلاين؛ وبالفعل بدأت في عمل دورات تدريبية للأطفال والكبار خارج مصر، حيث أجرت العديد من الدورات التدريبية في دول المغرب، البحرين، العراق، السعودية، كما أجرت دورات مباشرة في مصر.
كما شاركت عبير سعد الدين في ما يقرب من 100 معرض محلي ودولي ومعارض أونلاين، وآخر مشاركاتها كانت في العراق بمتحف الحضارة في العراق، حيث شاركت بمصغر لأحد الآثار المهمة جدًا من الحضارة البابلية وهو مصغر “بوابة عشتار”، كما تشارك بشكل سنوي في معرض النماذج المصغرة بدار الأوبرا المصرية في معرض هناجر للفنون، كما تمنح الفرصة كل عام لـ5 أو 6 متدربين للمشاركة معها في المعرض كأحد أنواع التشجيع للمتدرب، وأكدت عبير على دعم الدولة الدائم لتلك الفنون، قائلة:” الدولة بتساعدنا من خلال المعارض التي تقيمها مثل معرض تراثنا التي أشارك به كل سنة، والمعارض المُقامة في متحف الفن الإسلامي والمتحف القومي للحضارة، وهو معرض تفاعلي مع الجمهور ويوجد إقبال كبير في هذا المعرض لأن المتحف يزوره أشخاص من كل دول العالم “.
وتستعد المصغراتية خلال الفترة الماضية لعمل كتاب عن فن المصغرات، تجمع به كل ما يتعلق بفن المصغرات وما وصلت إليه من حقائق عن تلك الفن، حيث تؤكد أن المصغرات موجودة منذ عصر المصريين القدماء والدليل على ذلك المصغرات الموجودة بالمتحف المصري، وتقول عبير سعد الدين:” في المصغرات مش حرفة تقليدية وهو فن معني بالتراث من الدرجة الأولى، وبعتمد فيه بشكل أساسي على إعادة تدوير الأشياء، وأرى أنه مثلما يقولون أن المسرح أبو الفنون فأن المصغرات أم الفنون، فهي تجمع بين الكثير من الحرف”.