كشف محمد سعفان وزير القوى العاملة السابق، في حوار تفصيلي لمدونة “أرزاق” عن اهتمام الدولة المصرية بمعرفة الوظائف المهددة بالانقراض، وذلك من خلال قيام وزارة القوي العاملة بإعداد دراسة شاملة عن مستقبل الوظائف في مصر خلال العشرين سنة القادمة، خاصة بعد جائحة كورونا، واقتحام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي قطاعات الإنتاج المختلفة، مشيرًا إلى أن نوعية وشكل الوظائف خلال العقدين القادمين ستتغير بشكل كبير نظرًا للتطور التكنولوجي الهائل في عملية الإنتاج، مما يتطلب مواجهة ذلك بدراسة وافية عن مستقبل الوظائف للاستمرار في خفض معدلات البطالة وزيادة معدلات الإنتاج.
وأكد “سعفان” أن الدراسة تهدف إلى تغيير فكر الشباب نحو التعليم الفني والمهني، خاصة في ظل اهتمام الدولة المصرية بتطوير التعليم الفني والتدريب المهني، وانتهاج رؤية استراتيجية وطنية لإصلاح وتطوير التعليم الفني لفتح آفاق جديدة في سوق العمل من خلال عدة محاور، أهمها خلق عوامل جذب الطلاب إلى التعليم الفني، مع توعية المجتمع بأهمية الخريجين منه ودورهم الحيوي في الارتقاء بالاقتصاد الوطني، وذلك خلال حواره للحديث عن مستقبل الوظائف في مصر.
ما هي الجهود اللازمة لتأمين مستقبل العاملين بالوظائف المهددة بالانقراض؟
هناك تعاون قائم بين وزارة القوي العاملة، وشركات التدريب العالمية، لتدريب الشباب على وظائف المستقبل والرقمنة ووظائف التكنولوجيا والتحول الرقمي ، والذي تستهدف منه الوزارة تدريب ما يقرب من 100 ألف متدرب على هذه الوظائف، وهناك مشروع “دمج وتوظيف الشباب.. جاهزون للمستقبل”، ومن المقرر إطلاقه بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وهيئة بلان انترناشيونال، وبدعم من وزارة الخارجية الدنماركية “دانيدا”.
هل يتم العمل على رصد متطلبات سوق العمل الحالية؟
تعمل وزارة القوى العاملة حاليًا بالتعاون مع كافة الجهات الوطنية ومنظمة العمل الدولية على إعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، والتي ستشكل خارطة طريق نعمل من خلالها على رسم السياسات التي تسهم في خفض معدلات البطالة على الصعيد الوطني مع زيادة القدرة التنافسية للشباب المصري في أسواق العمل العالمية، بالإضافة إلى إنشاء المنصة الوطنية لمعلومات سوق العمل والتي تهدف إلى بناء قدرات وتطوير أداء فريق عمل الوزارة لرصد احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، واستقراء معلوماته، وتصميم برامج سوق العمل النشطة والسياسات المقترحة القائمة على الأدلة، فضلا عن تنظيم عمليات العرض، والطلب على العمالة المصرية لسوق العمل في الداخل والخارج.
ما هي جهود الدولة لمواجهة البطالة، وهل هي كافيه؟
أزمة البطالة ليست مشكلة الوزير أو الوزارة أو وزارة بعينها ، بل هي مشكلة وطن بأكمله، كما أنها لا تمس مصر فقط بل كل دول العالم، ولا توجد دولة تمكنت من حل هذه المشكلة تمامًا، وإيجاد فرص عمل مناسبة لكل المواطنين، وساهمت المشروعات القومية في توفير نحو 5 مليون فرصة عمل، وأن الهدف تحسين مستويات المعيشة وخفض معدل الفقر، محذرًا من تزايد معدل السكان والذي يرتبط بزيادة معدل الفقر عادة.
كيف يتم التطبيق العملي لتلك الجهود؟
استطاعت مصر رغم الأزمة، أن تنفذ مبادرات طموحة، لرفع مستوى معيشة المواطن في الريف والمناطق الأكثر احتياجًا، من خلال مبادرة “حياة كريمة”، ومد شبكة الضمان الاجتماعي لمئات الآلاف من الأسر، من خلال برنامج “تكافل وكرامة” مما ساهم في تخفيف عبء الجائحة فضلًا عما تبذله مصر من جهود لتعزيز الشمول المالي، ودمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.
هل تتلاءم أجور العاملين مع الوضع الاقتصادي الحالي؟
القيادة السياسية حريصة بصفة مستمرة علي تحقيق الحماية الاجتماعية وزيادة الأجور لتحقيق الأمان الاجتماعي، وقرارات الحماية الاجتماعية وزيادة الأجور التي أعلن عنها رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مؤخرًا تؤكد أن الرئيس السيسي حريص على توفير حياة كريمة للمواطنين وتحقيق الأمان الاجتماعي على كافة المستويات.
كيف تسعى الدولة لمواجهة مشكلة الأجور؟
الرئيس أصدر توجيهات فورية وعاجلة أول مارس 2023 بتحسين دخول العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وأصحاب الكوادر الخاصة اعتبارًا من أول أبريل 2023 بحيث يزداد بموجبها دخل الموظف بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا، ومصر رغم الأزمات الاقتصادية العالمية وغيرها تمضي بثبات لبناء الجمهورية الجديدة مع وضع غطاء أمان وحماية للطبقات الفقيرة، وفي الوقت ذاته ألغت دول متقدمة توفير أي سبيل الدعم لمواطنيها، فالرئيس السيسي يشعر بكافة هموم وأتعاب المواطنين، حيث إن الرئيس السيسي يؤكد دائما أنه لولا الوعي المتواجد لدى كافة قطاعات الشعب، لما كان في استطاعتنا تحمل الظروف الصعبة والأسعار المرتفعة التي تمر بها البلاد منذ أكثر من عام.
هل تهتم الوزارة بملف ذوي القدرات الخاصة؟
دور وزارة القوى العاملة في ملف ذوي القدرات الخاصة مهم، باعتباره جزءًا من دورها في تخطيط الموارد البشرية ورعاية القوى العاملة وتنظيم استخدامها ورفع كفاءتها الانتاجية وخاصة الأشخاص ذوي الهمم، وفي إطار خطة التنمية المستدامة 2030 والتي من بين أهم أهدافها تنمية رأس المال البشري، وتولي الوزارة رعاية خاصة بالأشخاص ذوي القدرات الخاصة، وذلك بعد إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي 2018 عاما لذوي الإعاقة، وسلط الضوء على توسيع حماية ورعاية هذه الفئة التي ليست بقليلة ثم توالت الإنجازات بإصدار القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ولائحته التنفيذية والقانون رقم 200 لسنة 2020 بشأن إنشاء صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، والتأكيد على تفعيل الجهات المعنية كافة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بما يضمن لهم حياة كريمة مستقرة.
ما هي المبادرات والتدريبات التي تطلقها الوزارة لتأهيل ذوي القدرات الخاصة لسوق العمل؟
قامت الوزارة بتوسيع الاستفادة من طاقات وكفاءات هذه الفئة من مختلف التخصصات ودمجهم في سوق العمل المتطور، وذلك بإطلاق مبادرة “مصر بكم أجمل”، لتدريب وتأهيل وتشغيل ذوي القدرات الخاصة وذلك في أوائل عام 2018 ومازالت تستأنف تنفيذها، وتقوم مبادرة “مصر بكم أجمل ” من خلال أربع محاور هي: التدريب والتأهيل، توفير فرص العمل المناسبة، دعم ريادة الأعمال ومتابعة التنفيذ والتقييم.
وقد حرصت على تحقيق أهداف المبادرة والتي تتمثل أهمها في تدريب شباب الجنسين من ذوي القدرات الخاصة على كيفية التغلب على صعوبات العمل ومواجهة الآخرين، التغلب على التحديات التي تعوقهم عن المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التدريب على إدارة الوقت والأزمات، التعرف على تشريعات العمل والقوانين ذات الصلة وأحكام السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، دمج الأشخاص من ذوي القدرات في سوق العمل من خلال توفير فرص العمل المناسبة والمختلفة لهم من خلال إقامة مشروعات متوسطة وصغيرة والتدريب على ريادة الأعمال من خلال إقامة مشروعات متوسطة وصغيرة.
ما هي خطوات الوزارة لتطوير العمل بملف ذوي القدرات الخاصة؟
تم تنفيذ العديد منها وجاري متابعة تنفيذ الباقي من هذه المشروعات وغيرها من الأفكار التي يرغب بها ذوي القدرات من خلال التعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقامت ببحث آلية تطوير العمل بهذا الملف على النحو التالي: إعداد موقع خاص بتسجيل استمارة راغبي التدريب والعمل من قادرون باختلاف، إعداد قاعدة بيانات موسعة تشمل الراغبين في ريادة الأعمال وتدريبهم على مهارات التسويق الإلكتروني والعمل عن بعد، إعداد خط ساخن للرد على شكاوى ذوى القدرات الخاصة بشأن أى مشكلة تتعلق بالعمل أو ريادة الأعمال، تنفيذ عدد من البرامج التدريبية المجانية للتدريب على بعض المهن التي تناسب درجة ونوع الإعاقة للشباب والفتيات من قادرون باختلاف .
هل تولي الوزارة اهتمامًا بالعاملين بالخارج وما تواجههم من مشكلات؟
هناك جهود كبيرة بذلتها وزارة القوى العاملة لوضع العامل المصري في مكانته الصحيحة واهتمت بتوفير البيئة الملائمة للعمل والإنتاج، باعتبار أن العامل المصري هو وقود معركة البناء في الجمهورية الجديدة، ووضعت نصب عينيها تحسين مستوى الفئات الأكثر احتياجا عبر جملة من المشروعات التي ترفع من مستواهم المعيشي، وقد نالت العمالة المصرية بالخارج اهتماما كبيرا على مدار السنوات الماضية.
كيف تحافظ الدولة على حقوق المصريين العاملين بالخارج؟
تمكنت مكاتب التمثيل العمالي بالخارج من استرداد مستحقات العمالة المصرية بالخارج التي تجاوزت مليار وستمائة مليون جنية مصري، نتيجة تسوية منازعات أو تعويض دفعة واحدة أو ضمان ومعاشات، كما أن عدد العمالة المصرية في الدول العربية والأجنبية في البلدان التي يتواجد بها مكاتب تمثيل عمالي فقط ،يبلغ حوالي 4 ملايين مصري يعملون بعدة قطاعات منها “الصناعي، والتجاري، والصحي، والتعليمي، والتشييد والبناء، والخدمات، والزراعة، والصيد”، ويوجد 9 مكاتب عمالية في الخارج منها مكتبين بالمملكة العربية السعودية، كما أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج بلغت خلال العام المالي (2021 – 2022) نحو 31.9 مليار دولار.
هل هناك قانون لحماية العاملين بالوظائف الحرة من التعرض للنصب والاحتيال؟
قانون العقوبات الصادر برقم 58 لسنة 1937 والمٌعدل بالقانون رقم 189 لسنة 2020، فهو الذي يعاقب بجرائم النصب بعقوبات تصل إلى الحبس عامين، وذلك من خلال باب كامل متعلق بـ”النصب وخيانة الأمانة”، ووفقًا للمادة (336) يُعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مٌخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروات الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكاً له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة.
العمالة غير المنتظمة والعاملين بالوظائف الخطيرة كيف يتم تأمين مستقبلهم المهني؟
أطلقت وزارة القوى العاملة مع بداية عام ٢٠١٩ حملة “حماية” لتسجيل العمالة غير المنتظمة، وهنا أحب أن أؤكد أن الوزارة كانت وما زالت الجهة الوحيدة في مصر التي تنظر للعمالة غير المنتظمة بعين الاعتبار، وتضعهم دائمًا نصب أعينها، حاولت الوزارة مرارًا وتكرارًا وضع عملية حصر هذه الفئة من العمال، إلا أنها كانت تعتبر أرقامًا هزيلة لا تعبر عن الواقع، وأصدرت الوزارة وثيقة تأمين ضد الحوادث الشخصية للعمالة غير المنتظمة المسجلة بمديريات القوى العاملة بالمحافظات، ونصت الوثيقة على تعويض 100 ألف جنية في حالات العجز الجزئي أو الكلي أو الوفاة ، بإجمالي 250 ألف وثيقة ، واستطاعت الوزارة في عام 2022 أن تزيد بما تقدمه لتلك الفئة فقامت برفع التعويض المقدم من تلك الوثائق إلى 200 ألف جنية لتحقيق مزيد من الأمان والاستقرار لتلك العمالة وأسرها ، كما رفعت سقف تلك الوثائق إلى 500 ألف جنية، تنفيذا لمبادرة “حياة كريمة”، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الفكرة الرئيسية من وثيقة التأمين التكافلي حماية الأسرة المصرية من المخاطر التي تتعرض لها تلك العمالة في أماكن العمل المختلفة، وذلك بصرف تعويض في حالات العجز الكلي والجزئي والوفاة، بحيث يتوفر دعم لأسرة العامل يعينها على أمور الحياة، مؤكدا أن هذه الوثيقة ليست نهاية المطاف، وإنما هي بداية الرعاية لتلك الفئة خلال المرحلة المقبلة”.
ماهي مجهودات الوزارة لتدريب الشباب وتأهيلهم لسوق العمل؟
تنفذ الوزارة برامج تدريب مهني من خلال مراكز التدريب الثابتة والمتنقلة التابعة لها والمنتشرة بمديريات القوى العاملة أو من خلال بروتوكولات التعاون مع كبرى الشركات العالمية لنقل الخبرات الدولية للشباب، أو من خلال الإشراف على برامج التدريب التي تقوم بها شركات القطاع الخاص المرخص لها بمزاولة عمليات التدريب.
كما أن خطة تطوير منظومة التدريب والتأهيل، لتوفير عمالة فنية ماهرة تلبي احتياجات سوق العمل، موضحًا أن عدد مراكز التدريب المهني التي تتبع الوزارة وصل إلى 72 مركزًا على مستوى الجمهورية منها 38 مركزًا ثابتًا في 25 محافظة، فضلًا عن 7 وحدات تدريبية ثابتة، و27 وحدة تدريب متنقلة، وتقدر عدد الورش التدريبية بنحو 334 ورشة في المراكز الثابتة والمطورة منها 166 ورشة، حيث يتم التدريب على 41 مهنة، وأوضح أن الوزارة قامت بتفعيل دور صندوق التدريب والتأهيل لتمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز التدريب الثابتة والمتنقلة، وبرامج التدريب التي تستهدف احتياجات سوق العمل في الداخل والخارج.
ما هي اشتراطات السلامة وتأمين بيئة العمل؟
تكمن أهمية نشر ثقافة وسلوك السلامة والصحة المهنية في المجتمع، لما لها من دور كبير في الحفاظ على رأس المال البشري، والحفاظ على المعدات وأدوات الإنتاج، بما له من أثر على ازدهار الاقتصاد، والقوى العاملة تعملُ جاهدة على نشر هذه الثقافة المهمة بين أوساطِ المجتمع المصري، كي تتحول إلى سلوكٍ حياتيّ وواقعٍ معيش لكل فرد في بيتهِ وبيئةِ عمله، باعتبار أن السلامة والصحة المهنية ليست مجرد تجهيزات ومعدات والتزام بتعليمات، بل هي سلوكٌ لكل فرد يحيا به ويتعايشُ ويتفاعلُ معه.
ونفذت الوزارة عدد من مبادرات السلامة والصحة المهنية تمثلت مبادرة “اعرف احمى نفسك، مبادرة “سلامتك وصحتك تهمنا”، مبادرة “صحتك غالية علينا”، مبادرة “مفتش جديد”، مبادرة “مستقبلك بين يديك”.
