يقول صلى الله عليه وسلم “خير الناس أنفعهم للناس”؛ فالعمل التطوعي قائم على مساعدة الآخرين دون انتظار مقابل مادي وسُمي بالتطوع؛ لأن صاحبه يقوم به طواعيةً لا إكراهًا، ورغم أن المتطوع لا يحصل على المال ولكنه يجني من التطوع الخبرات والمهارات التي تؤهله للعمل.
ويقص لمدونة أرزاق مجموعة من الطلاب تجربتهم مع التطوع والعمل، فتقول هاجر وائل، طالبة بإعلام القاهرة: “بدأت العمل التطوعي وأنا طالبة في الفرقة الأولى بكلية الإعلام، فقبل التحاقي بالجامعة لم أكن أعلم عن التطوع شيء وكنت أكتفي بدراستي، حتى وجدت مَن هم في سني وأكبر مني يشاركون في الأعمال التطوعية، فشعرت بالرغبة في خوض التجربة، وكنت أرفض فكرة العمل بدون أجر مادي برغم انعدامي لأي مهارة تميزني حينها، ولكن هذا التصور تغير بشكل كلي عندما أدركت قيمة التطوع في حياتي واكتشاف مهاراتي التي حددت الشىء الذي أحب العمل فيه، وهو المونتاج، فقد عملت في المونتاج ثلاث سنوات دون أجر مادي حتى حصلت على الخبرة الكافية التي أهلتني إلى العمل فيه بأجر، وأنا أؤيد فكرة العمل التطوعي لزمنٍ محدد نكتسب فيه خبرة تعيننا على العمل في المراحل التالية، فقد اكتسبت العديد من المهارات والخبرات الحياتية التي ساعدتني في التغلب على عيوبي الذاتية مثل عدم الصبر والإنصات للآخرين، وإن كانوا على خطأ، كما أضافت لي مهارة التعامل مع الشخصيات المختلفة سواء في وظائف إدارية أو زملاء في العمل، فالمتطوع يكون علاقات متعددة يمكنها أن تؤهله إلى إمكانية الحصول على وظيفة إذا كان على قدر كبير من الكفاءة في العمل”.
وأكدت مي جمال، طالبة بإعلام القاهرة، أن الأنشطة التطوعية تضيف مهارات جديدة لصاحبها أكثر قيمة من المال، وتتيح له فرصة التعرف على أُناس آخرين من فئات مختلفة.
وبدأت مي الانضمام إلى الأنشطة التطوعية في 2019 من خلال مبادرة “ألف كاتب” ومشروع “شباب يدير شباب”، التابع لوزارة الشباب والرياضة؛ فاكتسبت خبرات ومهارات وعلاقات جديدة جعلت سيرتها الذاتية أكثر ثراءًا.
وأضافت سلمى علي، طالبة بآداب اجتماع الأزهر، أنها بدأت المشاركة في الأعمال التطوعية وهى في الصف الثاني الثانوي، حيث انضمت إلى فريق “كن ذا أثر”، ولكن لظروف العمل في مرحلة الجامعة لم تقدر على المشاركة في أي عملٍ تطوعي.
وأكدت سلمى أن ثمرة العمل التطوعي غير مقتصرة على الأجر المادي، لأن هناك مكاسب أخرى من التطوع لا تُقدر بالمال، إنما تكون مكاسب معنوية مثل دفع الضرر عن الناس، بجانب اكتشافها مهارات في نفسها كانت تجهلها قبل انضمامها إلى العمل كمتطوعة.
بينما يروي إبراهيم عزت، خريج من سياحة وفنادق حلوان، حكايته مع التطوع قائلًا: “كنت في 2014 عندما شاركت كمتطوع في أول حدث أقامته اللجنة الاجتماعية في الكلية عن عيد الأم، ومنذ تلك اللحظة لم أدع نشاط داخل أو خارج الكلية إلا شاركت فيه، حتى أصبحت رئيسًا أساسيًا في أي نشاط تطوعي، ولم يكن قراري في العمل التطوعي نابع عن تفكير عميق، فأنا بطبعي أحب مساعدة الآخرين، وأشعر بالسعادة عندما أمارس ذلك، والعمل التطوعي يضيف إلى ممارسه، فيجعله سريع البديهية ولديه قدرة كبيرة على تحصيل المعلومات، وقوي الملاحظة، كما أن الشخصية والفكر ينضجان بالعمل التطوعي، فالطالب إذا لم يشارك في الأعمال التطوعية في بادىء الأمر، لن يعرف قيمة حياته، أو طموحه وهدفه، فعلى الطالب أن يكافح حتى يحصل على مهارات تؤهله إلى سوق العمل، ولكن إذا انتظر المقابل المادي من أول الأمر، سيجد صعوبة في مواجهة الحياة بعد التخرج”.