في مجال العمل تقتصر الرؤية حول بعض المِهن المتعارف عليها كالطبيب أو المهندس، بينما يغفل البعض عن مهن أخرى ذات أهمية ولا يمكن الاستغناء عنها، فماذا لو أصبحت مسكتشفًا للأرض وكنوزها؟!.
كنوز الأرض
في البداية يوضح د.عبد الحميد وجدي المناوي، العميد الأسبق لكلية العلوم جامعة القاهرة، مجالات العمل الجيولوجي في مصر، منوها إلى أن مجال الجيولوجيا يختص بدراسة محتويات الأرض سواء من السطح أو المركز للتعرف على تركيبها واكتشاف الخامات المتوفرة فيها.
وينوه “المناوي” بأن هناك العديد من المجالات المتعلقة بمجال العمل الجيولوجي، ولعل أشهرها متعلق باستخراج البترول والثروة المعدنية، مشيرا إلى أنه وفي الآونة الأخيرة برز عدد كبير من شركات التنقيب عن الذهب والخامات المعدنية مثل الحديد والمنجنيز، فالبعض ينكر وفرة الثروة المعدنية في مصر، وهو خلل في معيار العمل، فكل بلد لابد أن تحدد الثروات المعدنية الغنية بها، وهو صميم عمل الجيولوجي، حيث يفحص الأرض ويكتشف وجود مواد خام ثم يقوم بعمل دراسة جدوى للخامات التي سيستخرجها ويحدد مدى فائدتها.
وألمح الخبير الجيولوجي إلى أن هناك بعض الشركات تجري دراسات وأبحاث حول توفر المعادن أولًا ثم تقوم بعملية الاستخراج، وهنا يأتي دور المستثمرين، فيدرسون مدى فائدة المواد المُستخرَجة ويقومون بتسعيرها، فشركات الذهب لا تستخرج أطنان من الذهب كما يظن البعض، بل تحصل على طن من الصخر لتستخرج منه جرامات من الذهب بعكس شركات الحديد تستخرج الحديد من طبقات الأرض وهو ما يفرق بين المعادن في السعر.
مجالات أخرى
وأضاف “المناوي” أن الجيولوجي بإمكانه العمل أيضًا في شركات البحث عن الماء الجوفية واستغلالها في الزراعة، بجانب العمل في بناء المنشآت والمقاولات، فيعمل الجيولوجي على دراسة طبيعة الأرض التي سيتم عليها البناء وتحديد سُمك التربة والتعرف على نوع الصخور فيها، فمنطقة 6 أكتوبر تحتوي على صخور البازلت وهى تمثل عائق أثناء عملية الحفر بجانب أنها قد تؤثر على البناء فيما بعد، وبعض المناطق الأخرى تحتوي على صخور الطَفلة وهى صخور تحتاج إلى أساسيات متينة في البناء حتى لا يتعرض المبنى إلى الميل، مع فحص التربة واستكشاف وجود صدوع ستؤثر على ضغط البناء أثناء حدوث هزات أرضية أم لا.
ولازالت قائمة العمل في مجال الجيولوجيا ثرية بالمزيد، فيشير “المناوي” إلى أن الجيولوجي يتدخل أيضًا في صناعة الأسمنت، فيستخرج الحجر الجيري ويضيف إليه بعض الإضافات في المصانع فيتم تحويله إلى مادة صناعية قابلة للتصلب عند اختلاطها بالماء بعكس طبيعة أي مادة أخرى، بجانب صناعة طوب البناء من الطمي.
ويستدرك “استاذ الجيولوجي” بأن من الوظائف الأخرى رسم خرائط للأراضي المصرية، فمن الناحية الجيولوجية يتم دراسة أنواع الصخور، وهو ما تم في هيئة الثروة المعدنية من عمل خرائط مرجعية للخامات المعدنية الموجودة في مصر؛ لتسهل العمل لأي خريج وتكون مَرجِع له.
أزمة توظيف
ورغم توسع مجالات العمل الجيولوجي يواجه خريج قسم جيولوجيا بعض الأزمات بعد تخرجه، فيجد فرق بين ما تم دراسته وما يواجهه أثناء التطبيق، ويرد “المناوي” بأن “الكلية تعلم الطالب لغة المهنة وأساسياتها التي تساعده على العمل فيما بعد، وإن لم تكن دراسة الكلية مهمة، لاستطاع غير المتخصص العمل في المجال، وهو ما لا يمكن حدوثه”.
وعلى جانب آخر، وبحسب “المناوي” فهناك اكتفاء من الشركات بشأن تعيين طلاب قسم جيولوجيا، موضحا بأن دور الكلية في حل أزمة التوظيف هو تقليل أعداد أقسام الجيولوجيا في مصر والتي تعدت العشرين قسما؛ مما جعل الشركات في غير حاجة لكل الخريجين، ولذلك لجأت كلية علوم جامعة القاهرة لإضافة قسم مزدوج يُمكِّن الطلاب من دراسة الجيولوجيا والكيمياء، حتى يتمكن الطلاب من الحصول على فرص عمل متنوعة عقب التخرج بعكس التخصص في قسم بعينه يُحجِم فرصته في العمل.
واختتم “المناوي” حديثه بأن القسم يهتم بالجانب العملي لدى الطلاب، فيمنحهم فرص للتدريب في الشركات المختلفة لمدة تصل إلى شهر، وفي حالة تقليص الشركة لمدة التدريب، يتم فتح المعامل البحثية؛ لاستئناف تدريب الطلاب وتأهيلهم للعمل، بالإضافة إلى تطوير المواد الدراسية كل خمس سنوات لمواكبة سوق العمل، بجانب أحقية الدكتور في تعديل 20% من المادة التي يُدرِّسها بعد حصوله على موافقة الكلية.